اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 465
النصر وإِظهار دينكم والجنة. وعلى الثاني: تخافون من عذاب الله ما لا يخافون.
[سورة النساء (4) : آية 105]
إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (105)
قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
(358) أحدها: أن طُعمة بن أبيرق سرق درعاً لقتادة بن النعمان، وكان الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتشر من خرق في الجراب، حتى انتهى إِلى الدار، ثم خبأها عند رجل من اليهود، فالتمست الدرعَ عند طعمة، فلم توجد عنده، وحلف: ما لي بها علم، فقال أصحابها: بلى والله، لقد دخل علينا فأخذها، وطلبنا أثره حتى دخل داره، فرأينا أثر الدقيق، فلما حلف تركوه، واتّبعوا أثر الدّقيق حتى انتهوا إلى منزلي اليهودي فأخذوه، فقال: دفعَها إِليَّ طعمة، فقال قوم طعمة: انطلقوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وليجادل عن صاحبنا فإنه بريء، فأتوه فكلموه في ذلك، فهم أن يفعل، وأن يعاقب اليهودي، فنزلت هذه الآيات كلها. رواه أبو صالح عن ابن عباس.
(359) والثاني: أن رجلاً من اليهود، استودع طُعمة بن أبيرق درعاً، فخانها، فلما خاف اطلاعهم عليها، ألقاها في دار أبي مُليل الأنصاري، فجادل قوم طعمة عنه، وأتوا إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فسألوه أن يبرئه، ويكذّب اليهودي، فنزلت الآيات. هذا قول السدي، ومقاتل.
(360) والثالث: أن مشربة [1] رفاعة بن زيدُ نقبت، وأخذ طعامه وسلاحه، فاتهم به بنو أبيرق، وكانوا ثلاثة: بشير، ومبشّر، وبشر، فذهب قتادة بن النعمان إِلى النبيّ عليه السلام فقال: يا رسول الله إِن أهل بيت منّا فيهم جفاء [2] نقبوا مشربة لعمّي رفاعة بن زيد، وأخذوا سلاحه، وطعامه، فقال: أنظرُ في ذلك، فذهب قوم من قوم بني أبيرق إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: إِن قتادة بن النعمان، وعمّه عمدوا إلى
ذكره الواحدي في «أسباب النزول» 361 بدون إسناد، وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» [1]/ 561: ذكره الثعلبي من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. وانظر «أسباب النزول» 373 و 374 للسيوطي.
وأخرجه الطبري 10417 من رواية سعيد عن قتادة مرسلا مع اختلاف يسير. ويشهد لهذا الخبر الحديث الآتي برقم 360.
مرسل. أخرجه الطبري 10420 عن السدي مرسلا، ويشهد لأصله ما بعده.
حسن. أخرجه الترمذي 3036 والحاكم 4/ 385 والطبري 10416 من حديث قتادة بن النعمان، وفيه ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وورد مختصرا عن قتادة مرسلا أخرجه الطبري 10417، وورد موصولا عن ابن عباس أخرجه الطبري 10418 وفيه عطية العوفي، واه. وكرره 10419 عن ابن زيد، وهو عبد الرحمن، مرسلا و 10420 عن السدي مرسلا و 10421 عن عكرمة مرسلا و 10422 عن الضحاك مرسلا. فهذه الروايات تتأيد بمجموعها، فالحديث حسن في أقل تقدير، والله أعلم. وانظر «تفسير الشوكاني» 707 بتخريجنا. [1] في «اللسان» المشربة والمشربة، بالفتح والضم: الغرفة والمشارب: العلاليّ. وفي الحديث: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان في مشربة له أي كان في غرفة. [2] في «اللسان» : الجفاء يكون في الخلقة والخلق، يقال: رجل جافي الخلقة إذا كان كزّا غليظ العشرة والخرق في المعاملة والتحامل عند الغضب والسورة على الجليس.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 465